يهدف لمكافحة الهجرة.. كيف أشعل «قانون العدو الأجنبي» بورصة الانتخابات الأمريكية بين ترامب وهاريس؟

يهدف لمكافحة الهجرة.. كيف أشعل «قانون العدو الأجنبي» بورصة الانتخابات الأمريكية بين ترامب وهاريس؟
كامالا هاريس ودونالد ترامب

لمحاربة الهجرة والمهاجرين، تعهد الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، بإحياء قانون “العدو الأجنبي”، والذي يعود إلى أكثر من 200 عام، ليفوز بالضربة القاضية على منافسته المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

وعادة ما يستخدم ترامب ملف الهجرة والمهاجرين كفزاعة للناخبين الأمريكيين، حيث يلقى اللوم على منافسته كامالا هاريس والتي كانت تشغل منصب نائبة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، معتبرا أن سياساتهما أدت إلى غزو أمريكا، واصفا المهاجرين غير الشرعيين بأنهم "قتلة وخطرون". 

وكانت أحدث تهديدات ترامب بشأن المهاجرين غير الشرعيين، بوعده بتفعيل قانون العدو الأجنبي، الذي يعود إلى عام 1798، ليكون إحدى أدواته في ملف الهجرة حال انتخابه رئيسا، إذ قال في أحد المؤتمرات الانتخابية: "سأعيد تفعيل قانون العدو الأجنبي، لتسريع ترحيل شبكات العصابات واستهداف وتفكيك كل شبكة جنائية مهاجرة تعمل على الأرض الأمريكية" في إشارة إلى عصابة فنزويلية تسمى "ترين دي أراغوا".

وقبل أسبوعين، كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي عن اعتزام ترامب تفعيل قانون "العدو الأجنبي"، الذي كان يستخدم سابقًا لاحتجاز الأجانب في أوقات الحرب، بهدف تنفيذ ترحيلات جماعية تستهدف المهاجرين غير الشرعيين ذوي الصلة بالعمليات الإجرامية.

تاريخ القانون

وقانون "العدو الأجنبي" جزء من 4 قوانين متعلقة بالأجانب والتحريض على الفتنة أصدرتها الولايات المتحدة عندما كانت تخشى حربا وشيكة مع فرنسا، وجعلت أي انتقادات موجهة للحكومة جريمة، وأعطت الرئيس سلطات إضافية لترحيل الأجانب آنذاك.

وبحسب وسائل إعلام أمريكية، استخدم قانون "العدو الأجنبي" ثلاث مرات، خلال حرب عام 1812 والحرب العالمية الأولى (1914-1918) والحرب العالمية الثانية (1939-1945)، حيث تم احتجاز مهاجرين ألمان وإيطاليين خلال الأولى وصينيين ويابانيين وكوريين خلال الثانية.

ويشير الدستور الأمريكي القديم إلى أنه "عندما تكون هناك حرب معلنة بين الولايات المتحدة وأي دولة أو حكومة أجنبية ويتعين على رئيس الولايات المتحدة أن يعلن عن هذا الحدث، فإن جميع السكان الأصليين أو المواطنين أو المقيمين أو الرعايا التابعين للدولة أو الحكومة المعادية، سيكونون عرضة للقبض عليهم وتقييدهم وتأمينهم وإبعادهم، كأعداء أجانب".

وكان الكونغرس قد أصدر هذا القانون في عام 1798، بدعم من الرئيس الأمريكي آنذاك جون آدامز، حيث يتيح القانون للرئيس احتجاز أو نقل أو ترحيل غير المواطنين من دولة تعتبر عدوة للولايات المتحدة خلال زمن الحرب.

وتنص التفاصيل الدقيقة للقانون على أنه لا يمكن للرئيس أن يتولى هذه السلطة إلا بعد أن يعلن الكونغرس الحرب، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة شاركت في الكثير من الصراعات على مر العقود، فإنها لم تعلن الحرب رسميا منذ عام 1942، بحسب المصادر الأمريكية.

فزاعة متكررة 

ولا يزال ملف الهجرة ورقة ضغط ومساومات في الحملات الانتخابية الرئاسية بين هاريس وترامب، إذ قال الأخير في أحد التجمعات الانتخابية إن "الولايات المتحدة أصبحت مكب نفايات مثل سلة المهملات بالنسبة للعالم، إنها المرة الأولى التي أقول فيها ذلك، ولكن في كل مرة أتحدث فيها عن ما فعلوه ببلدنا، أشعر بالغضب أكثر".

وعادة ما يصف ترامب المهاجرين غير الشرعيين الذين يرتكبون جرائم عنيفة بـ"الوحوش والقتلة والحيوانات الدنيئة"، محمّلا منافسته هاريس والرئيس الديمقراطي جو بايدن مسؤولية السماح للمهاجرين غير الشرعيين بدخول الولايات المتحدة، والذين ارتكب بعضهم جرائم اغتصاب وسرقة ونهب وغيرها.

في المقابل، حددت كامالا هاريس في أحد المؤتمرات الانتخابية، خططها لإصلاح "نظام الهجرة المعيب"، متهمة منافسها ترامب بـ"تأجيج نيران الخوف والانقسام" بشأن تأثير المهاجرين على الحياة الأمريكية، داعية إلى فرض قيود أكثر صرامة على لجوء المهاجرين.

وترامب ليس جديد العهد بملف الهجرة، إذ توعد في حملته الانتخابية عام 2016، بترحيل جميع المهاجرين غير النظاميين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، لكنه لم ينجح في تحقيق تعهداته، حيث أشارت التقديرات إلى أن 11 مليون شخص يعيشون في البلاد بشكل غير نظامي، وفقا لبيانات من مركز "بيو" للأبحاث آنذاك.

وبين عامي 2017 و2020، سجلت وزارة الأمن الداخلي مليوني عملية ترحيل، في حين نفذ الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما 3.2 مليون و2.1 مليون عملية ترحيل خلال كل فترة من فترتي ولايته على التوالي.

وفي يونيو 2024، ذكر معهد سياسة الهجرة أن إدارة بايدن نفذت 4.4 مليون عملية ترحيل، فيما أشارت بيانات حكومية إلى أن السلطات الأمريكية ألقت القبض على نحو 7 ملايين مهاجر أثناء عبورهم حدود الولايات المتحدة مع المكسيك بشكل غير قانوني خلال إدارة بايدن.

ومؤخرا أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في سبع ولايات متأرجحة، زيادة تأييد الناخبين لترامب في ما يتعلق بالاقتصاد والهجرة، بينما تفوقت هاريس في ملفات الإسكان والرعاية الصحية.

سلاح ذو حدين

بدوره قال جبريل صوما، خبير القانون الدولي وعضو المجلس الاستشاري للرئيس السابق دونالد ترامب (2016-2020)، وعضو اللجنة الانتخابية للرئيس ترامب 2024، إن الهجرة غير الشرعية في عدد من الولايات أصبحت عبئا على دافعي الضرائب بالولايات المتحدة.

وأوضح صوما في تصريح لـ"جسور بوست" أن "الأوضاع الاقتصادية سيئة نتيجة سياسة بايدن-هاريس التي سمحت بدخول الملايين من المهاجرين في الوقت الذي تعاني فيه الطبقة الوسطى من غلاء المعيشة، وارتفاع أسعار البنزين والمواد الغذائية".

وأضاف: "لا شك أن ترامب يستفيد من مسألة الهجرة غير الشرعية، والتي تضر بمنافسته هاريس كونها تدعم الهجرة منذ أن كانت سيناتور في مجلس الشيوخ، وكانت دائما تطالب بتوفير الخدمات الصحية المجانية لكل المواطنين والمهاجرين غير القانونيين".

ومضى صوما قائلا: "كانت هاريس تطالب بإصدار قانون يمنع الحكومة الفيدرالية من استبعاد هؤلاء المهاجرين وترحيلهم إلى بلادهم، والسماح لأولادهم بالحصول على التعليم المجاني، بالقطع كل هذه المواقف قد تنعكس سلبا على نائبة الرئيس في الانتخابات الرئاسية الحالية". 

على الجانب المقابل، يرى عضو الحزب الديمقراطي والباحث والمحلل السياسي الدكتور مهدي عفيفي، أن حملة ترامب على الهجرة ليس بالجديدة وهي لاستقطاب فئة معينة من الشعب الأمريكي، بزعم أن المهاجرين يهددون الأمريكيين رغم أن ذلك بعيد تماما عن الواقع.

وأوضح عفيفي في تصريح لـ"جسور بوست" أن هناك مشروع قانون طرح لتحسين وتقنين أوضاع المهاجرين قبل سنوات، لكن ترامب دعا أنصاره لتعطيل هذا المشروع، قائلا: "معظم المهاجرين يعملون في قطاعات رئيسية تعتمد عليها أمريكا مثل القطاع الزراعي والقطاعات الخدمية والتكنولوجية، وهناك 550 ألف فيزا أمريكية تقدم لاستقطاب العقول في هذه المجالات خاصة من الهند".

وأضاف: "هذا الملف دعائي في المقام الأول، وترامب لن يفي بتعهداته، ويستخدم المهاجرون كورقة رابحة، لا سيما أن الولايات المتحدة تقوم على الهجرة، ولذلك يجب التفكير في حل المشكلة دون إضرار بالولايات المتحدة التي تعتمد بشكل كبير على المهاجرين".

تطبيق محدود للغاية

من جانبه رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، الدكتور نبيل ميخائيل، أن احتمالات تطبيق قانون العدو الأجنبي ستكون في حالات نادرة حال ثبوت وجود خلايا من المهاجرين غير الشرعيين تشكل عصابات إجرامية ورغم ذلك فالتطبيق سيكون محدوداً للغاية. 

وأشار ميخائيل في تصريح لـ"جسور بوست" إلى أن القانون استخدام في حالة محدودة غير متناسبة مع الواقع الأمريكي الحالي أو المستقبلي، متوقعا أن ترفض المحكمة العليا لو عرض عليها ويصبح محل خلاف في الكونغرس الأمريكي.

وبشأن ترجيحات الفوز بالانتخابات، قال ميخائيل: "ترامب يتمتع بتفوق ملحوظ ضد منافسته هاريس فيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية وهي أحد أسباب تأييد قطاع كبير من الشعب الأمريكي، لا سيما أنه تعهد ببناء حائط فصل بين بلاده والمكسيك".

وأضاف: بغض النظر عمّا إذا كان ترامب سينجح في تطبيق وعوده الانتخابية من عدمها، فإنه استطاع أن يحقق تقدما على منافسته هاريس بملف الهجرة غير الشرعية بشكل ملحوظ ولافت".

وبدأ التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية الأمريكية يوم 20 سبتمبر الماضي، في عدد من الولايات، على أن يجرى الاقتراع الرئيسي في 5 نوفمبر المقبل، إذ ينتخب الرئيس الأمريكي لولاية من 4 سنوات، ويحق له تولي ولايتين كحد أقصى، سواء كانتا متتاليتين أم منفصلتين.

والانتخابات الرئاسية تجري بالاقتراع العام غير المباشر، حيث يصوت الأمريكيون لـ538 مندوبا في المجمع الانتخابي، وهؤلاء هم من يختارون الرئيس، ويكون المرشح الذي يحصل على أكثر من 270 صوتا هو الفائز. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية